ضياء القرآن

الطاغوت

الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع من دون الله. وقد أمر الله عباده أن يكفروا بالطاغوت ويؤمنوا به

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

[البقرة: 256]

أنواع الطاغوت

الطواغيت كثيرة، لكن يمكن حصر رؤوسهم في خمسة كما ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

١. الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله

والدليل قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ

[يس: 60]

٢. الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى

والدليل قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا

[النساء: 60]

٣. الذي يحكم بغير ما أنزل الله

والدليل قوله تعالى:

﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ

[المائدة: 44]

٤. الذي يدعي علم الغيب من دون الله

والدليل قوله تعالى:

﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا

[الجن: 26–27]

وقال تعالى:

﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

[الأنعام: 59]

٥. الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة

والدليل قوله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

[الأنبياء: 29]

الكفر بالطاغوت

الكفر بالطاغوت ركن من ركني لا إله إلا الله، ولا يصح إيمان العبد إلا به

معنى الكفر بالطاغوت:

الكفر بالطاغوت هو التبرؤ منه والبراءة من عبادته واعتقاد بطلانها، وبغضه وبغض أهله ومعاداتهم.

أهمية الكفر بالطاغوت:

الكفر بالطاغوت شرط في صحة الإيمان بالله، وهو ركن من ركني كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، فـ "لا إله" نفي وكفر بكل ما يُعبد من دون الله، و"إلا الله" إثبات للعبادة لله وحده.

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا

[البقرة: 256]

﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

[النحل: 36]

للكفر بالطاغوت أربعة أركان:

  • اعتقاد بطلان عبادة غير الله: وهو الاعتقاد الجازم ببطلان كل عبادة لغير الله، ووجوب صرف العبادة لله وحده.
  • ترك عبادة الطاغوت: وهو الامتناع عن عبادة غير الله، وصرف جميع أنواع العبادة لله وحده، فلا يسجد لغير الله، ولا ينذر لغير الله، ولا يذبح لغير الله... إلخ.
  • بغض الطاغوت ومعاداته: وهو بغض كل ما يُعبد من دون الله ومعاداته والبراءة منه وإنكاره بالقلب واللسان.
  • تكفير من عبد الطاغوت: وهو الحكم على من عبد الطاغوت عن علم واختيار بأنه كافر مخالف للإسلام.

﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى

[الزمر: 17]

أمثلة على الطاغوت في الواقع المعاصر

صور من الطواغيت في عصرنا الحاضر

طاغوت التشريع:

القوانين والأنظمة المخالفة لشرع الله، والتي تحل ما حرم الله أو تحرم ما أحل الله.

﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ

[الشورى: 21]

طاغوت الكهانة والعرافة:

كالمنجمين ومدعي معرفة الغيب والمستقبل، والذين يزعمون الاتصال بالجن والكشف.

«من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة»
[المصدر: صحيح مسلم][الراوي: بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم]

طاغوت الأهواء والشهوات:

اتباع الهوى وتقديمه على شرع الله.

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا

[الفرقان: 43]

طاغوت المال:

تقديس المال وجعله غاية الحياة.

«تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم»
[المصدر: صحيح البخاري][الراوي: أبو هريرة]

طاغوت العصبية والقومية:

التعصب للقبيلة أو الوطن أو القومية تعصباً يقدم على الدين وأحكامه.

«ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية»
[المصدر: هداية الرواة][الراوي: جبير بن مطعم]

ينبغي على المسلم أن يحذر من هذه الطواغيت، وأن يكفر بها ويتبرأ منها، وأن يخلص عبادته وطاعته لله وحده.